الناسك وابن عرس

الناسك وابن عرس

قال دبشليم الملك لبيدبا الفيلسوف: اضرب لي مثل الرجل العجلان في أمره من غير رويَة ولانظر في العواقب قال الفيلسوف:انه من لم يكن في أمره متثبتاً لم يزل نادماً،ويصير أمره ماصاراليه الناسك من قتل ابن عرس وكان له ودودًأ قال الملك وكيف كان ذلك؟قال الفيلسوف:زعموا أن ناسكاً من الناسك كان بأرض جرجان،وكانت له امرأة ثم ان المرأة ولدت غلام جميلاً ففرح به أبوه،وبعد أيام حان لها أن تزهب خارج البيت لبعض شأنها فقالت المرأة للناسك:اقعد عند ابنك حتى أعود. ثم إنها انطلقت،وخلفت زوجها والغلام. فلم يلبس أن جاء رسول الملك يستدعيه، ولم يجد يخلفه عند ابنه غير ابن عرس داجن عنده، كان قد رباه صغيراً؛ فهو عنده عديل ولده، فتركه الناسك عند الصبي، وأغلق عليهما البيت، وذهب مع الرسول، فخرج من بعض أحجار البيت حيةٌ سوداء، فدنت من الغلام، فضربها ابن عرس، فوثبت عليه فقتلها، ثم قطعها وامتلأ فمه من دمها. ثم جاء الناسك وفتح الباب، فالتقاه ابن عرس، كالمشير له بما صنع من قتل الحية! فلما رآه ملوثا بالدم، وهو مزعور، طار عقله، وظن أنه قد قتل ولده، ولم يتثبت في أمره، ولم يترو فيه حتى يعلم حقيقة الحال، ويعمل من غير ما ظن من ذلك، ولكن عجل على ابن عرس، وضربه بعكاذة كانت في يده على أم رأسه فمات. ودخل الناسك، فرأى الغلام سليماً حياَ، وعنده أسود مقطع. فلما عرف القصة، وتبين له سوء فعله في العجلة، لطم على رأسه، وقال: ليتني لم أرزق هذا الولد، ولم أغدر هذا الغدر! ودخلت أمرأته فوجدته على تلك الحال، فقالت له: ما شأنك؟ فأ خبرها بالخبر من حسن فعل ابن عرس، وسوء مكافأته له. فقالت: هذه ثمرة العجلة؛ لأن الأمر، إذا فرط ، مثل الكلام إذا خرج والسهم إذا مرق؛ لا مرد له! فهذا مثل من يتثبت في أمره بل يفعل أغراضه بالسرعة0